الخروج من الأبواب الضيقة شيء رائع.

الكل يحلم بالخروج من الأبواب الضيقة، وهو حلم مشروع وجميل، وليس على أحد جناح إذا قرر الخروج منها.

المشكلة أن هذه الخنقة تحولت إلى ظاهرة، كل ما ترى واحدا مكتئبا وتسأله:

- مالك؟

يرد عليك وقد قلب ملامح وجهه مثل قطعة قماش قديمة في فرن:

- نفسي يا أخي أخرج من الأبواب الضيقة.

عندما تنتابنى هذه الحالة آخذ بيد نفسى وأذهب الى حيث لا أدرى متمشيا على

شارع البحر هذا الشارع الذى تصطف على جوانبه أغلب مقاهى نوسا البحر

حيث يمكنك أن تسمع صراخ النرد على طاولات القمار وهو يتنقل بين أيدى شبابنا الفاشل

موزعا أرزاقه الحرام عليهم ويمكنك أيضا أن تشم ذلك الدخان الذى ينبعث من نوافذ تلك المقاهى

مختلطا برائحة البانجو الحشيش

لا أستطيع أن أنكر أن تلك المقاهى أعطت لقريتنا طابعا سياحيا حيث يتوافد عليها الكثيرون من أبناء القرى المجاورة والمدن أيضا

المهم أننى أسير على الشارع بمفردي مستمتعا للغاية بزهقي،

وليس لدي أي براح نفسي أو عاطفي لأي شيء ولا حتى للنظر إلى بنت نوسانية جميلة كانت معى فى نفس الفصل بمدرسة الاتحاد الابتدائية ترتدي ما يمكن أن نطلق عليه بنوع من المبالغة ".حجابا

فقط أنظر الى منظر النيل وهو ينساب متماوجا بين ضفتين هما فى الواقع مقلبا قمامة

لأهالى قريتنا الحبيبة

وبعد أن أفرغ من السير على هذا الشارع تنتهى بى قدماى الى بيت صديقى محمد عيسى

ذلك الصديق الصموت الذى يدعنى أتكلم فى أشياء لا تعنيه دون أن يقاطعنى ببنت شفة

نأخذ بيد بعضنا ونتمشى فى شوارع القرية الأخرى

وربما صادفنا صديقنا الآخر "واحد مش عاوزنى أكتب اسمه "

تنتابنى حالة لا أحسن سردها عندما أرى هذا الصديق

ربما هى حالة من ................ حيث أمشى معه وأنا متأكد أن فكره مختلف تماما عن فكرى

فكران متوازيان لايمكنهما الالتقاء أبدا الا فى أمور البنات

نعم فهو أسطورة بمعنى الكلمة لا تقع عينى على بنت جميلة من بنات قريتنا الا وأراه يعرف

عنها كل شئ حتى أصبح مرجعى الوحيد فى تلك الأمور

نمشى نحن الثلاثة متخبطين بين أمورنا التافهة وأحاديثنا التى لا تنتهى عن بنات قريتنا

بالأمس فاجأنى سؤال من صديقى محمد عيسى

*ياحسن هل ترى جانبا آخر من جوانب الحياة وأنت تمشى معنا"

نعم فاجأنى هذا السؤال غير المتوقع من صديقى

فأجبته بالطبع فأنا لم أكن أعرف شيئا من تلك الأمور حتى عرفتكم فعرفت كل شئ

يفاجئنا تكتك مسرع يقوده مراهق مخبول مكتوب على مؤخرته"روتانا توكتك مش هتقدر تمشى على رجليك"

فأستمر فى الضحك حتى أذهب الى بيتى قائلا فى نفسى

مثل توكتوك مسرع يقوده مراهق مخبول هكذا تمشى السنوات

فانتبه الى عمرك ياحسنح