غاض ماء الحياء فى كل وجه***فغدا كالح الجوانب قفرا

وتفشى العقوق فى الناس حتى***كاد رد السلام يحسب برا

أوجه مثلما نثرت على الأجداث وردا اٍن هن أبدين بشرا

وشفاه يقلن أهلا ولو أدين مافى الحشا لما قلن خيرا



مابال الناس فى قريتى ؟



أخرج من بيتى محاطا بدعوات أمى وما أن تلمس قدمى تربة الشارع الضيق الذى تتراص



على جانبيه بيوت جيراننا (عفوا لايمكننى أن أقول الأعزاء) ذات الأبواب المغلقة "ربما تقف أمامها



مناديا بأعلى صوتك على من فيها دون أن يفتحو بابهم فى وجهك"



والمصابيح التى لاتضئ أبدا



فشارعنا ليلا شريط طويل من الظلام لاتضئ فيه الا عيون القطط الشارده



وما أن تلمس قدمى تربة هذا الشارع الضيق حتى أصاب بحالة غريبة من الغثيان



والانكماش داخل الذات فأنا أمشى وعيون بعض النساء اللواتى يجلسن على عتبات بيوتهن



يرقبن الرائح والغادى تتحسسنى من رأسى حتى أخمص قدمى



والله ياقارئى ان كنت تشك فيما أقول جرب يوما أن تمشى فى شارعنا هذا المسمى بشارع



"المكنه"عفوا لا أقصد ماجاء فى عقلك ان كنت خبيثا انما أعنى" مكنة الطحين"



كن شجاعا وأكمل سيرك الى آخره فى هذا الشارع وصف لى حالتك وأنت تمشى!!!



بالتأكيد ستشعر أنك تدخل بيتا غريبا



وأهل البيت ينظرون لك بنظرات متسائلة "مالذى جاء بك الى هنا؟؟؟؟



أمشى أتصفح الوجوه سريعا فلا أجد وجها واحدا يبتسم وكأن وجوههم وجوه تماثيل لا ترد السلام



ولا تبتسم



أمشى فى صمت وعيناى مصوّبتين الى شئ غامض اسمه هدفى



نعم فهدفى شئ غامض لا يمكننى تحديده



هذا هو حال شارعنا فما بال شوارع القرية الأخرى



أعلم جيدا أنها أسؤا حالا وأضل سبيلا!!!!!!!!!!!



بعدما تنتهى قدمامى من عبور شارعنا



تجتاحنى تلك الثورة الهائلة من الغبار التى تتبع عربات النقل السائرة ليل نهار على



شارع الجسر ولا أستطيع ردها



فأكرر الشتائم الدائمه على أصحاب المصانع الذين لايريدون



دفع مليما واحدا من أجل ترصيف هذا الشارع اللعين الذى تسير عليه عرباتهم



أنظر الى ملابسى بعدما تهدؤ ثورة الغبار



فأحس كأننى لم أغير ملابسى منذ ثلاثة أشهر!!!!



أمشى فى صمت أيضا



مراقبا الكلاب التى ترقد فى هدوء على الرمل والزلط المباشر لمحل عمى فتوح



الكلاب ما أجملها من كائنات!!



كم تمنيت أن يصيب وفاؤهم بعضا من أصدقائى حتى أننى كنت أكرر دائما



فى نفسى "ليت أصدقائى كلاب!!!!!



أمشى ودائما ما أمشى فأنا لا أمل من حالة المشى



تقفز الى أذنى تلك الشتائم التى يتناولها شباب جالس على الكافاتيرييا



يتناولون الشتائم كما يتناولون الحلوى نعم هم أصدقاء تجمعهم رابطة الشتيمة



وربما كانت أقوى من رابطة الدم بين الأقارب عجبى!!!!!!



تسأل أحدهم لماذا تسب صديقك؟؟



يجيبك والضحكة البلهاء تزحف على وجهه يا أخى وانت مالك نحن أصدقااااااااااااااء!!!!!!!!!



أمشى!!!!!!!!



تنتهى بى قدماى الى مسجد الزاويه



هذا المسجد الروحانى الجميل معراج روحى الى رب العالمين



أحبه كثيرا لكننى لا أحب بعض مايتعرض له المسجد



على سلم المسجد ترى أطفالا لم يجدوا مكانا للعب داخل بيوتهم



تراهم يرشقون الكلاب بالحجارة ويتصايحون بينما نحن نصلى بالداخل!!!!!



أطفال لم يجدوا من يربيهم على احترام المسجد لست ألومهم فى شئ



انما ألوم آباءهم الجالسين على المقاهى



وأمهاتهم اللواتى يدفعونهم الى المسجد ليتابعوا المسلسلات فى هدوء





هذا بعض مايتعرض له المسجد من الأطفال الصغار



ناهيك عمايقوم به الكبار داخله!!!!!!!!!



بما تنتهى الصلاة وتغتسل روحى فى ماء الله وتغدو نقية بيضاء



أخرج من الباب الآخر للمسجد محفوفا بتسابيحى غاضّا بصرى عن بنات قريتنا الجميلات



داعيا الله أن يكفينى بحلاله عن حرامه وأن يغنينى بالزوجة الصالحة



أمشى!!!!!!!!!!



أرى قوما جلوسا على مقهى الجعبيرى الشهير



عفوا لامكننى أن أغض أنفى عن تلك الرائحة الممتزجة بالمكيفات من بانجو وحشيش!!!!!!



أنظر الى السماء أتخيل القرية !!!!!



قريتى نوسا البحر تكاد تسقط على نفسها كشجرة مراهقة



ألم تتعبى من الوقوق أيتها الشجرة ؟؟



بلى تعبت من أخلاق الشباب فيك أيتها القرية



بلى تعبت من الجالسين تحتك يدخنون الحشيش والبانجو!!!!



بلى تعبت من العاطلين فيك أيتها القرية!!!!!!!!!!!!!!!!



اللهم أصلح حال بلدتنا وحالى آآآآآآآمين