فاطمة تشتري عصفور الحزن


1

ناديتُ فاطمة ً … و ما وصلَ النـّداء

لم يبق َ حبّ ٌ في مدينتنا

و لا بقيَت نساء.

إنـّي لأبحثُ عن سماء ِ طفولتي

و أعودُ مهزوما ً،

فأين َ هي السّـماء ؟

2

هل أول الوطن البكاء ؟

هل آخر الوطن البكاء ؟

3

وطن بدون نوافذ

هربت شوارعه

مآذنه

جوامعه

كنائسه ,

وفر الله مذعوراً

وفر الأنبياء …

4

يتكسر المنفى على المنفى

بداخلنا ..

وتبكي الكبرياء ..

5

ماذا سنكتب كي نقول جراحنا

إن المسدس صار يكتب ما يشاء ..

6

إن السياسة وحدها مستنقع

ماذا .. إذا التقت السياسة والبغاء ؟؟

7

تستنشق الكلمات كبريتاً

فأين هو الهواء ؟ ..

8

وطن بلا وطن ..

وشعب دون ذاكرة

وأحرار يسيرهم إماء ..

9

إنا لنذبح كالنعاج ..

كأنما

دمُنا , لدى الحكام , ماء …

10

منفى .. على منفى .. على منفى

ولا ثقب صغير في الجدار .

مُدي يديك , صديقتي

فلربما تتدفق الأنهار من تحت السوار .

مُدي يديك .. فربما

من خاتم الفيروز , يأتي المشمش الحموي ,

والصفصاف , والدفلى , وعطر الجلنار ..

مُدي يديك .. فإنني

من ألف عام

كنت أنتظر القطار

11

مقهى فرنسي

على مقهى سويدي ..

على مقهى سويسري ..

كأن القهوة السوداء ..

يصنعها التوحد والشقاء ..

12

مقهى بشكل ِ الجرح ِ أدخله ُ

و فاطمة ٌ أمامي

مثلما الأسماك ُ تضجر في الإناء

و أنا أحاولُ أن أقولَ قصيدة ً

في مجد عينيها …

فأسقط ُ في الرِّثـاء.

و أنا أحاول ُ أن أذكّرُها

ببيروت ٍ

فتـُدخلني ، و تدخل ُ

في أقاليم ِ البكاء

13

ما زلت أخترع الشوارع ..

والمقاهي ..

والحدائق ..

والظلال ..

ما زلت أخترع الإجابة والسؤال ..

14

أين اللواتي , مرة , أحببنني

لم يبق في كتب الهوى

ألف وباء …

15

العشق يكتبني .. ويمحوني

وقلبي , ريشة حمراء

يعلكها الهواء ..

16

لو أنني مشطت شعر حبيبتي

بأصابعي ..

لمحوت خط الإستواء …

أو أننى قبلتها ..

فى ثغرها الوردى

لاحترقت عصافير المساء

17

سفر

على سفر..

على سفر..

ووجهتنا المحال .

الشمس تأكل من نهود نسائنا

والطير تأكل من عيون صغارنا

هل نحن فرع من بطون بني هلال ؟

18

عرب … بلا عرب ..

وسيقان النخيل , مكسرات في الرمال

والكحل في العينين , يرحل خائفاً نحو الشمال .

والشاعر العربي ..

قد فقد الحقيقة

مثلما فقد الخيال …

19

وطن يجيء على ضفائر زينب

ليلاً .. فما أحلى المنام .

وطن من النعناع يوقظني

لألعب فوق أدراج الرخام ..

وطن من النارنج ..

والخبيزة الخضراء ..

والقطط النظيفة .. واليمام

وطن حبلت بقمحه .. وبخبزه ..

من ألف عام ..

20

من يقرأون قصائدي

يوماً ..

سيقطر من أصابعهم ..

وفوق ثيابهم

توت الشام …

21

بحر شمالي

على بحر جنوبي

على بحر بلا بحر ..

وأجهزة المباحث من وراء السندباد ..

ما زلت أخترع البلاد .. ولا بلاد ..

ما زلت أبحث عن عصافيري ..

وأشيائي ..

وركوة قهوتي ..

ما زلت أبحث عن عباءة والدي

تحت الرماد …

22

لا تقلقي يوماً علي

إذا حزنت

فإنني رجل الشتاء

إن كنت مكسوراً ..

ومكتئباً

ومطوياً على نفسي ..

فإن الحزن يخترع النساء …

23

ناديت زينب في قبيلتها

فردتني الخناجر والسهام

لا الشعر مقبول هناك ..

ولا الشعور ..

ولا الزهور ..

ولا مكاتيب الغرام …

24

عيناكِ من عسل ٍ حجازيّ ٍ

و خصركِ بعضُ ما غزل َ الغمام .

و يداكِ من ذهب ٍ ، و من عنب ٍ ، و من حبق ٍ

و من قمر ٍ حليبيّ ٍ … و من ريش النـّعـام .

و أنا … أمام تحوّلات ِ الكحل ِ في العـينين ِ

طفل ٌ ضائع وسط الزّحام .

و أنا أحبّـك ِ … غـير أنـّي

قد نسيت ُ الآن َ ترتيب َ الكلام .

25

قلق ثقافي ..

حضاري ..

وجودي …

( كأن الريح تحتي .. )

في الرحيل وفي المقام .

لا شعر فاطمة ينام ..

وليس يتركني أنام ..

26

منفاي ..

أصبح وردة في عروتي

هل أصبح العربي مخلوقاً

يهاجر كاللقالق والحمام ؟؟

15 نيسان (ابريل) 1991


10 رسائل إلى سيدة في الأربعين..



1

إذا ما وصلت إلى عامك الأربعين

ستفتقدين جنوني

وتفتقدين الرحيل معي في قطار الجنون

وتفتقدين الجلوس معي في مقاهي الجنون

وتفتقدين تراث النبيذ الفرنسي

وتفتقدين فتافيت خبز الباغيت

وتفتقدين فنادقنا في بلاد الحنين

وتسترجعين ملامح وجهي

ولكن… من الصعب أن تستعيدي جنوني

2

وفي الأربعين

ستفتقدين كلاما جميلا

من الصعب أن يستعاد

وركنا صغيرا بصدري

من الصعب أن يستعاد

وتفتقدين سريرا وثيرا من الكلمات

وقصرا عظيما من المفردات

وتفتقدين طموح خيالي

وعصف جنوني

أنا من كتبتك في دفتر الشعر والياسمين

3

وفي الأربعين

ستفتقدين حماس يديا

ونار الرجولة في شفتيا

وسوف يدور الزمان عليك

كما سيدور عليا

وسوف تقولين في ذات يوم حزين

سلام على الحب

يوم يعيش

ويوم يموت

ويوم يبعث حيا

4

وفي الأربعين

ستندهشين أمام المرايا

وتفتقدين مكان فمي

ومكان جبيني

وتفتقدين ذراعي

وتفتقدين اندفاعي

وتفتقدين الرخام المليس

الذي صقلته عيـوني

5

وفي الأربعين

سيدخل نهداك فصل الغياب

ويمضي حمام

ويسقط ريش

وتبكي قباب

وفي الأربعين ستنتظرين قصيدة شعر

مخبأة في كتاب

وتنتظرين حصان الحبيب الذي لن يجئ

وتكتشفين …

بأن جميع الرجال سراب

6

وفي الأربعين

سيصبح عمرك نثرا

ويصبح صدرك نثرا

ويصبح خصرك نثرا

وتسترجعين رسائل حبي إليك

نشيدا نشيدا

وسطرا فسطرا

أنا من جعلتك

دون جميع الجميلات

شهدا مصفى

وشعرا

7

سيملأ ثلجك في الأربعين البراري

وتفتقدين نبيذي

وتفتقدين روائح تبغي

وتفتقدين حواري

وتنتظرين الذي لا يجئ

وتنتظرين انتظاري

8

وأعرف أنك في الأربعين

ستقطع عنك مياه المطر

وأعرف أنك في آخر الشهر

سوف تكونين حقلا بغير ثمر

وأنك في آخر الليل

سوف تكونين ليلا بغير قمر …

وأنك سوف تجوبين كل مقاهي الرصيف

بغير جواز سفر

9

وفي الأربعين

ستفتقدين مرافئ صدري

ورائحة الملح تحت ثيابي

وتفتقدين ارتفاع الصواري

وفي الأربعين

سيحفر نهداك في الرمل بيتا

وينتظران مجئ المحار

10

وفي الأربعين

سيسقط ألف قناع

وألف وريقة تين

وألف جدار

ولن أتفاجأ حين أراك

ككل الإماء

ككل الجواري

تزوجت من شهريار !!

نيسان (ابريل) 1991


سأقفل باب القصيدة


Fb-Button
1

سأقفل باب القصيدة ..

حتى تنامي ..

وأشطب كل السطور،

وكل النقاط ،

وكل الدوائر، حتى تنامي ..

وسوف أؤجل عشقي قليلا ..

وحزني قليلا ..

وقيلولتى فوق قطن يديك .. قليلا

فأنت تعبت بفوضى حروفي

وفوضى مزاجى..

وفوضى وعودي

وإني تعبت من الحفر فوق الرخام.

2

سأقفل باب جميع اللغات..

فليس لدي كلام،

يغطي المسافة بين صهيل يدي

وبين هديل الحمام ..

وليس لدي قصيدة شعر

بها تنعمين ببعض السلام ..

3

سأقفل باب جنوني قليلا..

وأترك كل الحماقات خلفي.

وفكر البداوة خلفي.

وعصر التخلف خلفي.

وأترك شأن الغرام

لأهل الغرام …

4

سأقفل باب الشرايين

حتى تنامي

فمنذ ثلاثين عاماً

ونهدك ..

ينزف مثل المسيح أمامي

ومنذ ثلاثين عاماً ..

أفتش عن وردة الشعر

تحت الركام ..

5

خذي حبة .. ضد شوقي إليك.

وواحدة ..

ضد شِعري الذى يتوضأ كل صباح

بماء الينابيع فى ركبتيك ..

وواحدة ..

ضد كل العصافير .. كى لا تجئ ..

لتلتقط القمح من شفتيك ..

خذي نصف عمري ، ونامي.

خذي كل عمري ، ونامي.

فبعد ثلاثين عاما من الشعر ، والعشق ..

كم أنت فى حاجة أن تنامي ..

6

خذي ما كتبت ..

وما سوف أكتب ..

إني تعبت من السير فوق الصفيح

وفوق الزجاج

تعبت من الحب ، أسرقه من ثقوب الخيام

7

أردت صياغة عينيك شعراً ..

ولكنني ما وصلت لشئ ..

فكل الكتابات، قبلك صفر.

وكل الكتابات بعدك صفر.

فهل من كلام يقولك ..

دون كلام ؟؟

شتاء 1991




لقطات من متحف الشمع


Fb-Button
1

كلامُ يديكِ الحضاريَّتينِ

كلامٌ طويلٌ طويل

فهل تسمحين لعيني

بتسجيل هذا الكلام الجميل؟ . .

2

يداك . . .

حصانان يغتسلان بدمعي

فهل تسمحين لأذني

بشرب دموع الصهيل ؟

3

يداك . . .

تراثُ من الشعر . . .

يمتد عشرين قرنا

فهل تسمحين بتدوين هذا التراث الأصيل؟ . . .

4

يداك . . .

كتابا صلاةٍ أمامي

وشمعٌ . . .

وزيتٌ . . .

وسقفٌ . . .

وبيتٌ . . .

وظلٌّ ظليل

5

يداك اكتشافٌ

ومنذ دخولي

إلى متحفُ الشمعِ , ذات نهار

مشيت الى منبعِ الضوء

دون دليل …

6

… ومنذ رأيت يديكِ الملوكيَّتين

تعدان لي قهوتي في الصباح

تعلمت ..

كيف يكون احترام النخيل …

7

ومنذ سمعت ..

حوار الأساور في معصميك

تحيَّرت بين الحمام

وبين الهديل ..

8

يداك . . .

طريق من الموز . .

والتبغ . .

والزنجبيل . .

ولا زلت ألهثُ بين نهورِ دمشق . .

وبين كروم الجليل . . .

9

أيا امراة . .

ثقَّفَتني يداها

سلامٌ على شجر القطن

عند الأَصيل . .

10

دعيني . .

أبوس مرايا يديك

وآخذ شيئا من الزاد

قبل الرحيل ..

11

دعيني ..

أنام على درجات البيانو

فلم يبق في فسحة العمر

إلا القليل ..

القليل ..

12

أُريد التقاط رسومٍ

لشكل يديكِ

لصوت يديكِ

لصمت يديكِ

فهل تجلسين أمامي قليلاً

لكي أرسم المستحيل ؟؟

15 نيسان (أبريل) 1991


سأقفل باب القصيدة


Fb-Button
1

سأقفل باب القصيدة ..

حتى تنامي ..

وأشطب كل السطور،

وكل النقاط ،

وكل الدوائر، حتى تنامي ..

وسوف أؤجل عشقي قليلا ..

وحزني قليلا ..

وقيلولتى فوق قطن يديك .. قليلا

فأنت تعبت بفوضى حروفي

وفوضى مزاجى..

وفوضى وعودي

وإني تعبت من الحفر فوق الرخام.

2

سأقفل باب جميع اللغات..

فليس لدي كلام،

يغطي المسافة بين صهيل يدي

وبين هديل الحمام ..

وليس لدي قصيدة شعر

بها تنعمين ببعض السلام ..

3

سأقفل باب جنوني قليلا..

وأترك كل الحماقات خلفي.

وفكر البداوة خلفي.

وعصر التخلف خلفي.

وأترك شأن الغرام

لأهل الغرام …

4

سأقفل باب الشرايين

حتى تنامي

فمنذ ثلاثين عاماً

ونهدك ..

ينزف مثل المسيح أمامي

ومنذ ثلاثين عاماً ..

أفتش عن وردة الشعر

تحت الركام ..

5

خذي حبة .. ضد شوقي إليك.

وواحدة ..

ضد شِعري الذى يتوضأ كل صباح

بماء الينابيع فى ركبتيك ..

وواحدة ..

ضد كل العصافير .. كى لا تجئ ..

لتلتقط القمح من شفتيك ..

خذي نصف عمري ، ونامي.

خذي كل عمري ، ونامي.

فبعد ثلاثين عاما من الشعر ، والعشق ..

كم أنت فى حاجة أن تنامي ..

6

خذي ما كتبت ..

وما سوف أكتب ..

إني تعبت من السير فوق الصفيح

وفوق الزجاج

تعبت من الحب ، أسرقه من ثقوب الخيام

7

أردت صياغة عينيك شعراً ..

ولكنني ما وصلت لشئ ..

فكل الكتابات، قبلك صفر.

وكل الكتابات بعدك صفر.

فهل من كلام يقولك ..

دون كلام ؟؟

شتاء 1991



درس في الحب لتلميذة لا تقرأ


Fb-Button
1

أنا لم أقل

إني عشيق رائع .. أو مدهش ..

أو رائد في فنه،

لكنني سأحاول ..

أنا لم أكن بطلاً خرافياً كما يصفونني

لكنني من نصف قرن

لا أزال أحاول

لن تعرفي طعم السلام بجانبي

فأنا التناقض .. والتحول ..

والجنون العاقل

لا تحلمي أبداً ببحر أزرق

أو أسود ..

أو أبيض ..

فأنا بحاري ما لهن سواحل

إياك أن تتورطي

فأنا.. مع الأوراق كل دقيقة

أتقاتل …

2

انا لم أقل ..

إني سأعمل عاشقا متفرغا

ببلاط سيدتي الجميلة

إنما سأحاول

أنا لم أقل أبداً بأن مواقفي أبدية ..

وعواطفي أبدية ..

هذا كلام باطل.

أنا لم أقل إني سأبقى ثابتاً

و معلباً .. ومحنطاً ..

فأنا حمام زاجل !!

3

أنا لم أقل ..

بأني سأرهن للنساء قصائدي

طول الحياة ،

وباسمهن أقاتل ..

لا شيء يعلو فوق صوت قصيدتي

فتعلمي درساً صغيراً واحداً ..

هو أنني ..

عن كبرياء الشعر لا أتنازل

4

قلب النبيذ خرائطي و مراكبي

ما أنتِ فاعلة؟؟

و ما أنا فاعل؟؟

أنا لم أقل

إني حبيبك .. أو عشيقك .. أو صديقك ..

إنما قال النبيذ مشاعري

كم للنبيذ مع النساء فضائل !! ..

5

بينى وبينك ..

ألف عام حضارة

فيدى مثقفة .. ونهدك جاهل …

شجر السفرجل سكرى ، ناضج

وأنا على سجادة الكاشان ..

طفل ذاهل .

6

طار الحمام الزاجل ..

حط الحمام الزاجل ..

وأنا أواجه ناهداً متعجرفاً

يأبى مجاملتى ..

فكيف أجامل ؟

7

صعد النبيذ إلى السماء ..

ولم يعد ..

وأنا أجرب أن أكون مثقفاً

ماذا تفيد ثقافتى ؟

ودمي على ورقة الكتابة سائل

لو عروة فوق القميص تفلتت

لتفجرت ..

تحت القميص زلازل ..

8

سقط النصيف و ليس ثمة مهرب

فعن اليمين قبائل وثنية

و عن الشمال قبائل ..

سقط النصيف .. فكل طعنة خنجر

ينمو عليها زنبق .. وسنابل

و أنا أسير وراء نعشي ضاحكا

(يرضى القتيل و ليس يرضى القاتل) …

تشرين الثانى (نوفمبر) 1990


حوار مع عارضة أزياء


Fb-Button
1

كم أنت ، يا سيدتى ، بسيطة وطيبة

ما زلت تبحثين فى ذاكرتى

عن ياسمين قرطبة

وعن حمام قرطبة

وعن نساء قرطبة

ما زلت تبحثين عن رائحة النعناع ،

فى عباءتى المقصبة

ما زلت تبحثين ، يا سيدتى

عن وردة جورية زرعتها فى عروتى

وقطة شامية خبأتها فى معطفى

قبل فراق قرطبة ..

2

كم أنت ، يا سيدتى ، جميلة

لكن بغير تجربة ..

يا امرأة ليس لها علاقة

بالعصر .. أو بالوقت ..

أو بالبرد .. أو بالحر ..

أو بالحزن .. أو بالموت ..

أو بالمدن المقهورة ، المسحوقة ، المعذبة

يا امرأة ليس لها علاقة

بكل ما يحدث من زلازل

فى خارج الغرفة ،

أو فى روحى المضطربة ..

3

يا امرأة ..

شديدة الهدوء والتهذيب ،

كم تضجرنى الأنوثة المهذبة

يا امرأة ..

تطالع الأخبار كالسائحة المغتربة ..

انفعلى

تحسسى

تفجرى

تذمرى

لا تجلسى على سرير الحب ،

مثل الحطبة ..

4

يا امرأة .. أحبها حيناً

ولا أحبها حيناً ..

فلا تستغربى تناقضى ، وقسوتى

أيتها القرنفلة ..

يا امرأة .. ليس لها هواية يومية

سوى قياس صدرها .. وخصرها ..

وشهوتى المؤجلة ..

يا امرأة .. ليس لها مشكلة

سوى الدخول فى دمى

أو الخروج من دمى

الله .. ما أصغرها من مشكلة !!

5

يا امرأة .. تختصر النساء والأنوثة

ماذا ترانى فاعل ؟

بالنهد فى شموخه ..

والشعر فى جنونه ..

والشفة الغليظة الملتهبة ؟

ماذا ترانى فاعل ؟

بالشمع .. والرخام .. والفيروز .. والياقوت ..

والأزهار .. والثمار .. والحدائق المعلقة ؟

هل ممكن أن أفصل الحب عن التاريخ

يا سيدتى ؟

هناك ، يا سيدتى ، أسئلة

ليس لهن أجوبة ..

6

يا امرأة .. تريد أن أحبها

على رماد العصر ، والتاريخ ،

والحضارة المخربة ..

يا امرأة تريد أن أحبها

فوق ركام قرطبة

ماذا بوسع الشعر أن يفعله ؟

فى مدن الثقافة المعلبة ..

واللغة المعلبة ..

ماذا بوسع الحب أن يفعله ؟

فى وطن ، أبوابه خائفة

أشجاره خائفة

جدرانه خائفة

حدوده مكهربة …

7

قرطبة ؟؟

يا ليتنى أعرف ، يا سيدتى

أين تكون قرطبة ؟

خرائطى عتيقة

بوصلتى مكسورة

أشرعتى مثقوبة

حريتى مستلبة …

من نصف قرن ، وأنا

أقيم فى حقائبى

أنام فى حقائبى

أرتشف القهوة فى حقائبى

وما وصلتُ قرطبة …

8

يا امرأة .. تعيش فى إجازة طويلة

لا تسألى :

( أين ترى ، سنلتقى ثانية ؟ )

هناك ، يا سيدتى ، أسئلة

ليس لهن أجوبة ..

من نصف قرن ، وأنا منتظر

رسالة تجيئنى من ياسمين قرطبة

فلا خطاب جاء من غرناطة

ولا خطاب جاءنى من قرطبة

ما مرة .. دخلت فيها وطنى

إلا شعرتُ أننى بضاعة مهربة !!

21 آذار (مارس) 1991


حب في حقيبة السفر


Fb-Button
1

(( متى أراك مرة ثانية ؟ ))

و اشتعل التاريخ في أصابعي العشر

و في كياني

فهل هناك امرأة عاقلة

تقبل أن تراني

و هل هناك امرأة ذكية

تراهن اليوم على حصاني

و هل هناك ناهد مراهق

يدخل مثل السيف في شرياني

أخطأت

يا أيتها الحسناء في الرهان

فلا أنا الشخص الذي قرأت عن أمجاده

و لا هنا إقامتي

ولا هنا عنواني !!

2

(( أين أراك مرة ثانية ؟ ))

هذا هو المأزق يا سيدتي

فانني أسكن في حقيبة السفر

أنام في حقيبة السفر

أستقبل النساء في حقيبة السفر

و أنجب الأطفال في حقيبة السفر

هذي شروط الحب

في أرض تميم, و كليب, و مضر

فما الذي يغريك في زيارتي

أنا الذي أصبح وجهى

مرة مثلثا

و مرة مربعا

و مرة مكعبا

و صالحا لرحلة واحدة

مثل بطاقات السفر

3

(( كيف أراك مرة ثانية ؟ ))

فاجأني سؤالها الآتي

من المجهول, و اللامنتظر

فلم أكن أعرف أن امرأة

مدهشة كالشعر

أو مرسومة مثل الصور

يمكن أن تجلس نصف ساعة

معي, على مقهى الضجر

و لم أكن أعرف أن امرأة

تخزن في أهداب عينيها

القضاء و القدر

تسند يوماً ثديها على حجر !!
4

(( متى أراك مرة ثانية ؟ ))

و انفجر السؤال تحت مقعدي كالقنبلة

كم أنت يا سيدتي ساذجة

ففي زمان عربي يابس.. و مالح

و خائف من نفسه

و خائف من خوفه

ماذا تفيد الأسئلة ؟

أين اذا أراك يا سيدتي

في كوكب المريخ.. أم على طريق الجلجلة

لا شارعي أعرفه.لا هاتفي أعرفه

لا معطفي القديم – لو رأيته – أعرفه

لا رقم الباص الذي يوصلني

إليك يا سيدتي, أعرفه

لا وطني المزروع في عيني,

كالقرنفلة أعرفه

فساعديني كي أحل المشكلة

5

أين اذن أراك يا سيدتي

حين يكون الله في زجاجة

و أنبياء الله في زجاجة

و الوطن المخطوف في زجاجة

و صورة الحاكم فوق رأسنا

جاهزة كالمقصلة

ما هي جدوى الأسئلة ؟

ما هي جدوى الأسئلة ؟

أيار (مايو) 1991



تصوير داخلي


Fb-Button
1

بداخلي ..

أسستِ ، يا سيدتي ، حضارة”

عريقة كتدمر .

عظيمة كبابل .

حدودها ، تمتد آلاف الأميال ،

فوق الماء ..

والصفصاف ..

والجداول ..

تمتد ..

من شرق العصافير .. إلى جنوبها ..

ومن شمال الناي .. تمتد ..

الى بنفسج العيون ، والرسائل .

يا امرأة ..

قد ألقت القبض على كتاباتي

وخبأت قصائدي

في عتمة الجدائل ..

2

بداخلي ..

عمرت ، يا سيدتي ، مدينة

عالية الأسوار والمداخل

لنصف مليون من البلابل ..

ونصف مليون من الغزلان ،

والأرانب البيضاء

والأيائل ..

فضاؤها ، أكبر من أجنحتي .

نجومها ، أبعد من نبوءتي .

وبحرها ، أعرض من سواحلي …

3

يا امرأة ..

تخرج من أنوثة الوردة ،

من حضارة الماء ،

وسمفونية الجداول .

يا امرأة ..

من ألف قرن ، ربما ، أسكنها .

من ألف قرن ، ربما ، تسكننى

يا امرأة .. تقمصت فى كتب الشعر ..

وفى الحروف ..

والنقاط ..

والفواصل ..

4

يا امرأة..

تكاثرت .وأخصبت.وأنجبت.

وارتفعت كنخلة في داخلي.

توقفي عن النمو, يا سيدتي , في داخلي

فلا أنا أعرف ما هويتي.

ولا أنا أعرف ما لون دمي.

ولا أنا أعرف ما شكل فمي.

ولا أنا أذكر يا سيدتي

ومن أي أرض هاجرت قبائلي …

5

سيدتي ..

سيدة البحار, والأقمار, والأمطار,

والبروق والزلازل.

لا ترقصي حافية فوق شرايين يدي ..

لا تلمعي كخنجر في داخلي ..

يا فرسا .. صهيلها من ذهب

ونهدها ..

من الرخام السائل ..

كانون الأول (ديسمبر) 1990


اعترافات رجـل نرجســي


Fb-Button
1

… وبعد ثلاثين عاما

تأكدت أني أحبك ..

بعد ثلاثين عام

وأنك امرأتي دون كل النساء

وأيقنت أن جميع الذي كان قبلك

كان سرابا ..

وكان دخانا ..

وكان احتلام …

2

وبعد ثلاثين عاما

عرفت غبائي الشديد

وسخفي الشديد

وأيقنت أنك شمس الشموس

وبر السلام

وأني بدونك طفل

أضاع حقيبته في الزحام

وأنك أمي التي ولدتني

ومنها تعلمت كيف أمشط شعري

وكيف أذاكر ليلا دروسي

وكيف أهجي الكلام

3

وبعد ثلاثين عاما

طلبت اللجوء السياسي للحب ..

حين اكتشفت بأني تعبت ..

وأني انهـزمت ..

وأن إناء غروري انكسر ..

حجزت مكانا لحزني بكل مطار

وألغيت بعد قليل حجوز السفر .

فلا قبلتني بلاد الجفاف

ولا قبلتني بلاد المطر

4

هي النرجسية قد دمرتني

فكل العيون محطات ليل

وكل النساء لدي سفر !!

أفتش فوق الخريطة

عن وطن مستحيل

فما من رصيف أنام عليه

ولا من حجر …

5

وبعد ثلاثين عاما

خلعت ثياب التخلف عنى

وحممت عينى بماء المرايا

وضوء الرخام

دخلت زمان الحضارة

حين رأيت يديك ..

ولملمت بالعين ريش النعام

وعمرت عند التقاء الضفيرة .. والنهد ..

أول عاصمة للغرام ..

6

وبعد ثلاثين عاما

وجدت بعينيكِ مفتاح حريتي

ومن قبل عينيكِ كنت ضريرا

أفتش عن شمعة في الظلام

وقبل حرير ذراعيك ..

ما كان عندي

مكان على الأرض فيه أنام …

7

وبعد ثلاثين عاما

تخلصت من عقدة البدو فى داخلى

ومن صرخة الأعين السود

خلف ثقوب الخيام ..

وثقفت عينى .

وثقفت أذنى .

وحط السنونو على كتفى

وفتح فى القلب ورد الشام ..

8

وبعد ثلاثين عاما

بدأت أجمع أجزاء نفسى

وألصقها بعد طول انفصام

وقررت أن أستعيد لياقة فكرى

ودهشة شعرى ..

وكنت أفكر تحت الركام

وأكتب تحت الركام …

9

وبعد ثلاثين عاما

وجدتك تحت قميصى

مخبأة مثل فرخ الحمام ..

وحين مددت إليك يدى

تحولت فى لحظات

إلى امرأة من غمام ..

10

وبعد ثلاثين عاما

رأيت بعينيك برهان ربى

وشاهدت نور اليقين

وشاهدت كل الصحابة والمرسلين

وشاهدت برقاً

وشاهدت ناراً

وشاهدت بالعين .. رائحة الياسمين

وشاهدت . شاهدت .

حتى نسيتُ الكلام …

11

سماء من الكحل ، تمحو سماء

نساء تكسرن فوق نساء

وأنت ستبقين .. بعد ثلاثين قرنا

ستبقين بيت القصيد ..

ومسك الختام ..

نيسان (أبريل) 1991


إلى امرأة محايدة


Fb-Button
- 1 -

لا تتركيني واقفا

ما بين منطقة البياض

وبين منطقة السواد

أنا في شؤون الحب ..

لا أرضى الوقوف على الحياد

فرغت زجاجات النبيذ .. فقرري

إن كنت ِ من حزب الجحيم , صديقتي

أو كنت من حزب الرماد

- 2 -

إن السنابل أصبحت ذهبية

ما يفعل العصفور في زمن الحصاد؟

لا وقت عندي

كي أكون منجما

أو باحثا

أو عالما بتحولات الريح

أو طبع الجياد

أنا لست بهلولا .. ولا متصوفا

حتى أتابع في فراش الحب .. مبهورا

حكايا شهرزاد ..

- 3 -

لا تتركيني نازفا ..

بين القصيدة والقصيدة

إني تعبت من اللغات

فعلميني النطق , يا لغتي الجديدة

قلقي بغير نهاية

ومرافئي في الشعر , أبعد من بعيدة

ألغى النبيذ حدودنا الأولى .. فلا تتحرجي

لا شيء يفصل بيننا ..

إلا عقودك ..

والأساور ُ ..

والجريدة ..

- 4 -

بيني وبينك ..

هضبة أو هضبتان ..

وبعدها ..

ستلوح لي أشجار جنتك السعيدة ..

بيني وبينك ..

بوصة أو بوصتان ..

وعطرك الهمجي يغرز ظفره

في مهجتي ..

وأنا أمام العطر أركض كالطريدة ..

- 5 -

فوضاك رائعة ..

فظلي هكذا ..

فأنا أحبك في غموضك ..

في وضوحك ..

في ظهورك ..

في اختفائك ..

في تجليك الجميل

وفي حضارتك الفريدة ..

- 6 -

لا تتركيني هامشا ..

أو نقطة بيضاء في كتب الغرام

البحر في عيني مفتوح لكل حمامة

تأتي ،

فأين تراه قد ذهب الحمام؟

يا وردة تطفو على سطح النبيذ ..

على أنوثتك السلام …

- 7 -

كيف العثور عليك ؟

يا من تظهرين , وتختفين

كقطة سوداء في جوف الظلام

كيف العثور عليك .. إني ضائع

بين القطيفة , والبنفسج

والزمرد , والرخام

إن كنت خائفة .. فلا تتكلمي

فأنا أشم الصوت ..

قبل مجيئه ..

وأشم رائحة الكلام !!

- 8 -

لا تتركيني عالقا بين الإجابة والسؤال ..

البحر يرفعني إلى الأعلى ..

إلى الأعلى ..

إلى الأعلى ..

وما لاحت بلاد البرتقال

تتقاطع الأشكال والألوان في رأسي

فلا أدري الشروق من الغروب

ولا الجنوب من الشمال

وأنا .. أراك ولا أراك ..

فقرري ..

هل أنت من جنس النساء .. صديقتي؟

أم أنت , سيدتي , احتمال؟؟

كانون الأول (ديسمبر) 1990


مع صديقة في كافيتريا


Fb-Button
- 1 -

ومن بعد خمسين عاما

دخلت وإياك أرض الشتات

دخلنا إلى زمن عربي

تخاف به الكلمات من الكلمات

حقائبنا سرقت في الطريق

فليس لدينا شطيرة خبز

وليس لدينا شطيرة حب

وليس لدينا قميص من الصوف نلبسه

حين يأتي الشتاء

وليس لدينا كلام جميل

وليس لدينا شفاه .. ولا مفردات

- 2 -

… ومن بعد خمسين عاما

أحس بأني أسافر ضد البلاد

وضد الكلام

وضد اللغات

قد احترق الوطن الآن ..

واحترق البحر , والشعر , والنثر

واحترقت أجمل الأغنيات

وأصبحت ِ أنت البديل ..

وأصبحت ِ أنت النخيل ..

وأصبحت ُ أقرأ في شفتيك ِ..

كتاب الطفولة والذكريات

- 3 -

ومن بعد خمسين عاما

أجيئك , مثل العصافير , من غير ريش

ومن غير صوت ..

لكي أتعلم منك البكاء

ومن بعد خمسين عاما

أحاول أن أتذكر كيف أحب النساء

وأن أتذكر شكل الأنوثة فيك ِ..

وعطر السفرجل ..

والكستناء ْ..

وكيف أقدم للسيدات ولائي

وكيف أؤدي لهن فروض الصلاة ..

دعيني أحبك ..

كي أتبارك ..

كي أتماسك ..

كي أتجمع من بعد هذا الشتات

دعيني أحبك ..

حتى أحول بالحب مجرى الحياة …

- 4 -

قد انفجر الوطن الآن َ ..

أي الدروب سنسلك ليلا ؟

وقد لغموا منزل الله ..

باعوا ثياب الرسول ..

وباعوا الصباح , وباعوا المساء

قد انفجر الوطن الآن ..

ماذا سنكتب ؟

إن أصابعنا من زجاج

وإن قصائدنا من زجاج

فهل دخل الشعر أيضا

زمان الشتات؟

- 5 -

هم أعدموا قمر الليل شنقا

فماذا سنفعل بعد اغتيال القمر؟

وهم أحرقوا شجر الورد والياسمين

فماذا سنلبس بعد احتراق قميص الشجر؟

وهم طعنوا بالخناجر كل الغيوم

فكيف سيأتي إلينا المطر؟

وهم أوقفوا الريح كي لا تمر علينا

فصرنا نسافر في عربات الغجر

وهم صادروا أدوات الكتابة منا

فصرنا نطرز أسماءنا في الحجر …

- 6 -

قد احترق الوطن الآن ..

ماذا سأفعل ؟

حتى أصحح هندسة العشق

ماذا سأفعل ؟

حتى أرمم هذا الخراب الكبير

الذي يتراكم تحت جفونك ِ..

ماذا سأفعل ؟

حتى أحرر نهديك ِ من عقدة الخوف ..

حتى أعيد إلى حلمتيك الثبات ؟؟

- 7 -

أيا امرأة ً ..

تستحم بماء المرايا

عليكِ السلام ُ

عليك السلام ْ

أحبك ِ ..

أكثر من أي يوم مضى ..

وأعنف من أي يوم مضى ..

وأشرس من أي يوم مضى ..

وأغمد ظفري

بلحمك أنت .. ولحم السماء ْ ..

أحاول أن أتمسك بالخصر حينا ً

وبالعنق حينا

وبالناهد المتشاوف حينا

وبالزغب المتناثر ..

مثل الحشيش الربيعي .. حينا ..

ولا أتنازل عن شهواتي

فتلك غريزة ُ حفظ البقاء ْ

- 8 -

… ومن بعد خمسين عاما

أراك بمقهى صغير هنا ..

عند بحر الشمال ْ

فنجلس مثل النوارس ِ , بعد الضياع الطويل ْ

و ننزف بين السؤال وبين السؤال

أحبك حيث تكونين َ..

يا أكثر َ السيدات شحوبا

ويا أكثر السيدات هدوءا

ويا أكثر السيدات انكسارا وحزنا

ويا آخر الشعر في دفتر البرتقال ْ

- 9 -

أحبك .. يا من على شفتيها

تلوح قلوع .. وتطوى قلوع

وتأتي بلاد .. وتمضي بلاد

أحبك ِ

يا امرأة كحمام الكنائس ،

يا لغة من رخام , وورد , وماء

أحبك ِ ..

يا امرأة تتجمع كل نهور الأنوثة فيها ..

وتسكن فيها جميع النساء ْ …

- 10 -

دعيني أحبك ِ..

كي أتخلص من فائض الحزن في داخلي

وكي أتحرر من زمن القبح والظلمات ْ

دعيني أنام بجوف يديك ِ قليلا

أيا أعذب الكائنات ْ

فبالحب , يمكنني أن أغير هندسة الكون ِ..

يمكنني أن أقاوم هذا الشتات …

أيلول (سبتمبر) 1990


مخطط نزاري لتغيير العالم…


Fb-Button
-1-

أريد أن أحب ..

حتى أجعل العالم برتقالة

والشمس قنديلا من النحاس

أريد أن أحب..

حتى ألغي الشرطة.. والحدود .. والأعلام ..

واللغات .. والألوان .. والأجناس ..

أريد أن أستلم السلطة يا سيدتي

ولو ليوم واحد

من أجل أن أقيم ..

(جمهورية الإحساس ) …

-2-

أريد أن أحب ..

كي أغير العالم , يا سيدتي

وأمنح الأشياء بعدا خامسا

وأجعل النساء بستانا من النعناع

أريد أن ألحن الأشجار ..

والأمطار ..

والأقمار , في عينيك , يا سيدتي

وأضبط الإيقاع

-3-

أريد ..

أن أهندس النهد على طريقتي

فمرة .. أجعله كنيسة قوطية

ومرة .. أجعله مسلة مصرية

ومرة .. أجعله مروحة صينية

ومرة ..

أجعله طيارة من ورق

أو كرة من نار …

- 4 -

أريد ..

أن أحب دونما تحفظ

ودونما ندامة

ودونما استغفار

أريد أن أذهب في حبك

حتى آخر الجنون .. والدوار …

- 5 -

أريد ..

أن أجعل من يديك , يا سيدتي

بستان جلنار …

- 6-

أريد ..

أن أختصر النساء في واحدة

بحيث لا يبقى على الأرض سوى

حضارة الأحرف ..

أو حضارة الأزهار ..

- 7 -

أريد أن أحب ..

كي أكتب شعرا جيدا .

فالحب , في أساسه

نوع من الإبداع

- 8 -

أريد ..

أن أحرق , يا سيدتي , خرائطي

أريد ..

أن أضيع في الضياع

لم يكن الوصول يوما غايتي

وإنما الإقلاع ..

- 9 -

أريد ..

أن أحب , يا سيدتي

كي أخرج العاشق من أقفاصهم

وأنقذ الأثداء من خناجر الإقطاع …

- 10 -

أنا .. وأشعاري

نسيج واحد

لا فرق بين الوجه والقناع

- 11 -

بامرأة أحبها

بامرأة تحبني

أقدر يا سيدتي

أن أنقل الجبال من مكانها

وأنقل البحار ..

- 12 -

لا أدعي قراءة الغيوب

يا حبيبتي

لكنما العالم سوف ينتهي

حتما ..

إذا ما انتهت الأنوثة …

- 13 -

يا امرأة ..

تفوح من قفطانها

رائحة البخور , والكافور , والبهار

يا امرأة ..

تفوح من ضحكتها

رائحة الأمطار

أخاف , إن تركتني يوما

بأن يأكلني الغبار …

- 14 -

كوني إذن ..

قصيدتي , ووردتي

كوني إذن ..

صفصافتي ونخلتي

فربما استطعت , يا سيدتي

بالشعر ..

أن أشجر الصحراء …

-15 -

هو الهوى .

هو الهوى .

الملك القدوس , والآمر والقادر ..

والمعلوم , والمجهول

والمسكون بالأسرار

هو الذي يلمسنا بكفه

فتنبت الحنطة تحت جلدنا

وتصدح الأنهار

هو الذي يندس في فراشنا

فيطلع اللؤلؤ من لحافنا

ويطلع المحار

وهو الذي يكتب في دفتره

أسماء صاحباتنا

وهو الذي يختار …

- 16 -

كوني , إذن , حبيبتي

فربما ..

نقدر أن نغير النظام

في مملكة السماء …

آذار (مارس) 1991 م



لا بد أن أستأذن الوطن


Fb-Button
1

من قبل أن أكتب عن عينيك .. يا حبيبتى

لابد أن أستأذن الشجر

من قبل أن أكتب عن وجهك يا أميرتى

لابد أن أستأذن القمر

من قبل أن أكتب عن بحرى ، وعن عواصفى

لابد أن أستأذن المطر

من قبل أن أدور فى فضاء النهد .. يا سيدتى

لابد لى ..

لابد لى ..

لابد أن أستأذن الوطن

2

في هذه الأيام يا صديقتي..

تخرج من جيوبنا فراشة صيفية تدعى الوطن.

تخرج من شفاهنا عريشة شامية تدعى الوطن.

تخرج من قمصاننا

مآذن… بلابل ..جداول ..قرنفل..سفرجل.

عصفورة مائية تدعى الوطن.

أريد أن أراك يا سيدتي..

لكنني أخاف أن أجرح إحساس الوطن..

أريد أن أهتف كل ليلة إليك يا سيدتي

لكنني أخاف أن تسمعني نوافذ الوطن.

أريد أن أمارس الحب على طريقتي

لكنني أخجل من حماقتي

أمام أحزان الوطن.

3

هل فى مرايا لندن مساحة ؟

أبصر فيها وجهى المكسور

وهل بعينيك مكان آمن ؟

أنام فيه ليلتى .

أنا الذى أحمل تحت معطفى العصور ..

ضيقة .. فنادق الحزن التى أدخلها

ضيقة .. معاطف الحب التى ألبسها

ضيقة .. كل الكتابات التى أكتبها

تغيرت خرائط الشعر ، كما نعرفها

فأعدمت قصائد جميلة

وتوجت قصائد من الخشب ..

4

تغيرت خرائط النساء فى دفاترى

تغيرت ملامح الجبال ، والوديان ، والحنطة ، والعنب

تغيرت مناجم الفضة والذهب

فلا هناك عبلة

ولا هناك خولة

ولا هناك زينب

ولا هناك قهوة ولا رطب

تغيرت قرطبة . تغيرت غرناطة

فلا نساء الشام يبتسمن لى

ولا جميلات حلب

إذا تغزلت بحُسن امرأة

تِأكلنى الأسماك فى بحر العرب

5

هذا زمان النثر يا حبيبتى

فما به شعر . ولا حب . ولا غيم . ولا أمطار .

فكيف يا حبيبتى ؟

أكتب أشواقى على دفاتر الغبار

أريد أن أراك يا حبيبتى

لعلنى أسرق من عينيك بعض النار

أود أن أقرأ فى يديك ما تخبئ الأقدار

أربد أن أزرع فى أحشائك

الأطفال .. والحمام .. والأشجار ..

أريد أن أضيع فى بحرك حتى آخر الإبحار

أريد آلافاً من الأشياء ،

لكن .. فاتنى القطار ..

6

هل فى مقاهى لندن ؟

طاولة مفردة

وقهوة جيدة

تغسل عن قلبى التعب

أين ترى أهرب من ذاكرتى ؟

إذا طلبتُ وجبة الإفطار يا سيدتى

يأكلها أبو لهب …

إذا دخلتُ صالة الحمام ،

يستقبلنى أبو لهب …

إذا تكلمتُ على الهاتف من مدينة

يدخل على الخط معى ، أبو لهب …

إذا دعوتُ امرأة جميلة

إلى العشاء ليلة ..

يجلس فى أحضانها أبو لهب …

هل فى مقاهى لندن زاوية صغيرة ؟

خالية من العرب …

أبحث فى الصباح عن جريدة

صينية .. كورية .. هندية

أرتاح فيها من فصاحات العرب ..

وعنتريات العرب !!

أمشط التاريخ يا سيدتى

عبارة عبارة

وصفحة فصفحة

ونقطة فنقطة

فلا أرى إلا خياماً أكلت خياما ..

ولا أرى إلا نظاماً قد محا نظاما

ولا أرى معتصماً …

ولا أرى هشاما ..

فهل نكون كذبة كبيرة

نحن العرب ؟؟


عمليّة تجميل


Fb-Button
أنا لا أحبك .. من أجل نفسي.

ولكن أحبك ..

حتى أجمل وجه الحياة.

ولست أحبك..

كي تتكاثر ذريتي

ولكن أحبك..

كي تتكاثر ذرية الكلمات…

أحبك…

حتى تظل السماء بخير.

ويبقى هديل الحمام بخير.

وتبقى عيون الصغار بخير.

وتبقى الشعوب.

وتبقى اللغات.

سيأتي نهار


Fb-Button
( 1 )

ســــيأتـــــــــي نهـــار …
أحـــبك فيـه ، ســـيأتــــــــي نهـــــار
فــلا تقلقــــي ، إن تأخــر فصــل الربيــع
ولا تحزنـــــي لانقطــاع المـــــــطر
فلا بد أن يتغـــير لون الســـماء
ولابد أن يــستديــر القمـــر …

( 2 )

ســـيأتـــــــي نهـــــــار
أحبـــك فيــه ، سيـــأتــي نهـــار
اذاكـــر فـــيه دروســـي بعمق
وأقـــرا فـــيه كتاب الانــوثة
ســطرا ….. فســطرا
وحــرفــا … فحـرفا …
وأدخــل ديــن البنفــسج والجلنار ..

(3 )

سيــأتـــــــي نهــــــــار…
به أتعلم كيف تكــون الحضارة أنثى
وكــــيف تكــون القصـــيدة أنثـــى
وكيف تكون الرسالة ، بين الحبيبين أنثـــى
وكـــيف تصـــير النســـاء ـ إذا ما عشقن ـ
عصــافــير ونــور ونــار ….

( 4 )

ســـيأتــي نهـــار ….
أشـــيل ثيــاب البداوة عنــي
لكـــي أتعلــم أصــول
الحـــــــــوار ….

(5 )

ســيأتي نهار …
به ســوف أدخل أرض الســـلام
وأعــرف كيف أمـــيز بيــن جنــون النبيــذ….
وبـــين هــدوء الرخــــــام
وبين انفعال يــدي
وبـين دبابيـس شعــرك تحـــت الظلام
وبين بكــائي على ركبتيك ..
وبيـن بكــاء الحمــام

( 6 )

ســـيأتــي نهــار …
سـأترك فيه عصـــور انحطاطي
وأكتب فيك كلاما جمــيلا
به أتخطــى حدود اللغات
وأكسر فيه زجاج الكـــلام ….

(7 )

ســيأتــــــــي نهــار….
به أتحرر من عقدة البر عنــدي
وأرحل نحو أعالي البحــار
لأجمـع من فضــة الركبتين المحار
ســـيأتــي نهــار
أحمم وجهــي ،
بماء يديك الحضاريتين ،
وأتـرك خلفــي عصــور الغبــار …

( 8 )
ســيـأتـــي نهـــار …
يغــير كل خرائط عمــــري
كأي حريق
كأي انفجار
ولا أستطيع التنبـــؤ في أي وقت
ستشتعل النار تحت ثيابي
ومن أي صــوب ســيأتــي الدمار
ســيأتـــي نهــار ، أحبـــك فيه ….
وأعــرف أنـــي ســأنزف مثل القصـــيدة
فـــوق الجدار ….

( 9)

ســـيأتـــــــي نهــار
أحبـــكِ فيه
وأعرف أن التورط في العشق
فعل جنـون ….
وفعل انتحار …
فلا تقلقي إن تأخر عنكِ قطاري قليلا
فإني اتخـــذت القرار ….

( 10)

سيـأتـــي نهـــار….
أصحح فيه شعــوري
وأذبح فيه غروري
وأغسل إرث القبيلة في داخلي
وأعلن فيه الخروج على شهريار
ســـيأتــــي نهـــار
اسـرح فيه جنودي
وأطلق فيه ســراح خـــيولي
وأختم فيه فتـــوحي
وأخبر شعبي
بأن الوصول لشاطئ عينيك …
كأن أهم انتصـــــار ……

خمسون عاما من الشعر .. سيرة ذاتية قصيرة

- 1 -

في مثل هذا اليوم قبل خمسين عاما هجم علي الشعر …

لم يطرق الباب … ولم يستأذن ولم يتكلم معي بالتلفون …

وفجأة وجدته في وسط الغرفة جالسا على حقيبته الجلدية الضخمة كغجري ضائع العنوان …

ثم نهض ليتعرف على خريطة بيتي …

دخل أولاً إلى غرفة الحمام وأخذ دوشاً واستعمل فرشاة أسناني … ومناشفي … وأدوات حلاقتي …

ثم فتح الثلاجة وسألني … ” ماذا لديك من طعام .. إني جائع ..”

قلت : خبز وجبن روكفور وزجاجة نبيذ ( بوردو ) ….

قال : طعامك متحضر رغم أن الجبن يرفع ضغطي والنبيذ يشعل حرائقي …

ثم دخل إلى غرفة نومي … ففتح الخزائن والجوارير وأخرج واحدة من بيجاماتي … وارتداها دون أن يستأذنني ….

ولسوء الحظ كان مقياس جسده كمقياس جسدي …

ثم اختار لنفسه مقعدا مريحا وسكب لنفسه كأسا وبدأ يحتسي النبيذ الفرنسي بلذة العارف الذواقة …

وبعدما أنهى زجاجة النبيذ احتل سريري وسرق كل أغطيتي وشراشفي ومخداتي وقال لي ” تصبح على خير ”

ونمت أنا على الكنبة … ولا زلت منذ خمسين عاما نائما على الكنبة …

- 2-

في مثل هذا الشهر من عام 1940 دخل الشعر إلى بيتي ولم يخرج منه حتى الآن …

في البدء تصورت أن الزائر الغامض سوف يمكث يوما أو يومين … أسبوعا أو أسبوعين … شهرا أو شهرين ..

ولم أكن أتصور أنه سيصبح صاحب البيت … وأصبح أنا أجيرا عنده … أصنع له القهوة وأشتري له الصحف والسجائر وأغسل له ملابسه وألمع له أحذيته …

لم أكن أتصور أن الرجل الغامض سوف يأخذ مني ورقة الطابو ويسجل البيت باسمه ويبقى جالسا فوق رأسي
إلى يوم القيامة …

يأكل عندي … ويشرب عندي … ويلعب الورق عندي أيضا … ويتزوج عندي وينجب أولادا أرضعهم أنا … وأربيهم أنا … وآخذهم إلى المدرسة … أنا …

- 3 -

السكنى مع الشعر في بيت واحد لمدة خمسين عاما كالسكنى في العصفورية لا تعرف فيها طبيعة مرضك … ومتى سيطلقون سراحك …

كالسكنى على حافة البركان … لا تعرف متى يهدأ … ولا تعرف متى يثور …

كالزواج من امرأة مجنونة … لا تعرف متى تعانقك … ولا تعرف متى تخنقك …

ليس هناك مزاح مع الشعر …

فإما أن يعطيك الميدالية الذهبية … وإما أن يسبب لك الذبحة القلبية …

وعندما جاءتني الذبحة القلبية عام 1974 ونقلوني إلى مستشفى الجامعة الأميريكية في بيروت جاءني الرجل الغامض يحمل لي أزهارا جميلة وقال لي :

- I am sorry. أنا الذي افتريت عليك … سامحني …

قلت له : ” ولا يهمك “. إنني أدفع استحقاقات الشعر علي وأن يموت الإنسان وهو يكتب شعر … خير له من أن يموت وهو يلعب الورق … أو يدخن الشيشة … أو يتفرج على مسلسل عربي في التلفزيون …!!!

- 4 -

حين دخلت إلى بحر الشعر قبل خمسين عاما لم يكن لدي فكرة عن فن الغوص … وعن أخلاق البحر …

ظننت أن الماء لن يصل إلى ما فوق ركبتي … وأنني سوف ألعب بالرمل والموج والأصداف … وآخذ حمام
شمس لبضع ساعات … ثم أعود إلى قواعدي …

ولكنني لم أعد إلى البر أبدا ..!!

وحين جاءت أمي بعد غروب الشمس لتبحث عني قال لها رئيس دورية خفر السواحل :

- العوض بسلامتك .. يا سيدتي . ابنك مخطوف … خطفته إحدى جنيات البحر وتزوجته ولا أمل بعودته …

صرخت أمي باكية :

- ولكنه ابني .. أتوسل إليك يا سيدي أن تعيد لي ابني .

أجابها رئيس الدورية :

- إنني أفهم أحزانك يا سيدتي وأتعاطف معك ..

ولكن تجربتي الطويلة مع البحر تسمح لي أن أصارحك أن الزواج من حوريات البحر زواج كاثوليكي ….

ولا توجد في سجلات مخفرنا أية سابقة لحورية اختطفت رجلا وأعادته إلى أحضان أمه …

قالت أمي: أستحلفك بأولادك يا سيدي, افعل شيئاً لإنقاذ ابني.. إنه لا يزال صغيراً على الحب .. وصغيراً على الزواج. إنني أعطيك كل خواتمي, وأساوري, لتقدمها إلى الحورية, علها تطلق سراح ابني.

قال لها رئيس الدورية:

إن حوريات البحر, يا سيدتي, في حالة عري كامل صيفاً وشتاءً. لذلك فإن الأساور, والخواتم, والساعات المطعمة بالماس .. لا تثيرهن .. ولا تعني لهن شيئاً .. إن رشوة حوريات البحر, مهمةٌ مستحيلة ..

قالت أمي: ولكن ولدي لا يعرف شيئاً عن الحب … وعن الزواج .. إنه لا يزال تلميذاً في الثانوية العامة.

أجابها رئيس الدورية, وهو يخفي ابتسامة ماكرة:

لا تقلقي .. لا تقلقي يا سيدتي .. فسوف تعلمه حورية البحر أسرار الحب تحت الماء .. إلى أن يتخرج أميرالاً من أكاديمية البحر.


- 5 -

بعد خمسين عاماً على زواجي من حورية البحر ..

رزقت بخمسين ولداً/كتاباً .. جميعهم بصحة جيدة ..

أيامي مع حورية البحر, لم تكن كلها أيام شهر عسل ..

كانت أحوالنا تشبه أحوال البحر .. مداً وجزراً .. وصحواً ومطراً .. وطقساً جميلاً .. وعواصف مجنونة.

كانت هي مشغولة بالتزلج على الماء .. مع أولادها ..

وكنت أنا مشغولاً بأوراقي .. وكتاباتي .. ونرجسيتي ..

كنت أنا أتكلم مع أشجار المرجان وسلاحف الماء ..

وكانت هي .. تطارد أية سمكة أنثى تقترب مني ..

- 6 -

بعد خمسين عاماً من معاشرة القصيدة, أعترف لكم أنها امرأةٌ مُتْعِبة. امرأة مزاجية, متسلطة, ولا تصير كلمتها كلمتين .. تغازلك متى تريد .. وتتزوجك متى تريد .

وترسل إليك ورقة الطلاق متى تريد.

وليس صحيحاً أن الشعر هو الذي يبدأ الغزل, وهو الذي يستدعي القصيدة. بل القصيدة هي التي تشير بأصابعها .. فيمتثل.

ثم ليس صحيحاً أن الشاعر (بيده العصمة) في العمل الشعري .. إن القصيدة وحدها هي التي تملك العصمة.

القصيدة هي التي تهيئ غرفة النوم .. وهي التي تعد كؤوس الشراب .. وهي التي تختار نوع الموسيقى .. وهي التي تخلع ثيابها .. وتفترسك بلا مقدمات .. وكاذبٌ كل شاعر يقول لك أنه (اغتصب قصيدة) . فنحن جميعاً مُغْتَصَبُون …

ورغم أن بعض الشعراء في سيرهم الذاتية , يحاولون أن يظهروا بمظهر ( الدونجوانات) .. ويوحون لك بأنهم ( القوامون على قصائدهم), إلا أن هذا الادعاء باطل, لأن الشاعر كملك السويد يملك ولا يحكم.

في حين أن القصيدة هي التي تأمر , وتنهى, وتقول للشعر : ( كن فيكون).

- 7 -

عندما دخلت إلى ورشة الشعر قبل خمسين عاما كانت المواد الأولية متوفرة بكثرة من حولي .فراشي وأصباغ وطين وصلصال وخشب وقماش وجبس وأزاميل وقوالب وفرن لطبخ السيراميك.

قلت لمعلمي في الورشة : ماذا أفعل ؟ من أين أبدأ ؟

قال : ابدأ من حيث تريد واستعمل أصابعك جيدا … ولا تلتفت إلى يمينك … أو إلى شمالك ….

إياك أن تقترب من قوالب الآخرين … فإنها سجن …

اصنع قوالبك بنفسك فالطين هنا … والماء هنا … والفرن هناك …

واذا احترقت أصابعك أثناء العمل فضعها تحت حنفية الماء … فليس لدينا في الورشة قطن وسبيرتو …

ثم … لا تتكلم مع زملائك أثناء العمل لأنني في ورشتي لا أحب الثرثرة والكلام الفارغ .

قلت : ولكنني يا سيدي غشيم … ولم أتجاوز السادسة عشرة … ألا يمكنك أن تعطيني ولو فكرة صغيرة عن
طريقة الشغل ؟

صرخ المعلم في وجهي :

- يا ولد .. ليس عندي هنا روضة أطفال .. ولا بيبرونات .. ولا حليب .. ولا كاكاو .. البس الأوفرول الأزرق فوراً .. ودبر حالك …

- 8 -

ولبست الأوفرول الأزرق وانخرطت في ورشة العمل …

كانت كلمات معلمي تدق كالأجراس في داخلي :

- لا تلتفت يمينا …

- لا تلتفت شمالا …

- لا تقترب من قوالب الآخرين …

مر على هذا الكلام خمسون عاما ولا تزال الأجراس تدق في أعماقي ولا يزال الأوفرول الأزرق ملتصقا
بجسدي ليلا ونهارا أعمل به وأنام به وأستحم به …

ولا زلت أطبق الريجيم الشعري الذي أوصاني به أستاذي بحذافيره …

صحيح أن الريجيم كان قاسيا ولكنه ساعدني للاحتفاظ بلياقتي الشعرية على مدى خمسين عاما …

كان من السهل عليّ أن أجلس على موائد الآخرين وآكل بيتزا .. ومعكرونة .. وقوزي .. وكنافة بالقشطة …

ولكنني لم أفعل وظلت لاءات معلمي تلاحقني وأنا أجلس إلى طاولة الطعام وإلى طاولة الكتابة حتى اليوم.

- 9 -

لا تعذبوا أنفسكم في تصنيفي … إنني شاعر خارج التصنيف … وخارج الوصف والمواصفات …

فلا أنا تقليدي … ولا أنا حداثوي … ولا أنا كلاسيكي … ولا أنا نيو كلاسيكي … ولا أنا رومانسي …

ولا أنا رمزي … ولا أنا ماضوي … ولا أنا مستقبلي … ولا أنا انطباعي … أو تكعيبي … أو سريالي …

إنني خلطة لا يستطيع أي مختبر أن يحللها …

إنني ” خلطة حرية ”

هذه الكلمة التي كنت أبحث عنها منذ خمسين عاما … ووجدتها هذه اللحظة فقط …

- 10 -

الحرية تحررني من كل الضغوط التي يمارسها التاريخ على أصابعي …

تحررني من كل أنظمة السير …ومن كل إشارات المرور …

الحرية تحميني من غباء آلات التسجيل ومن السقوط بين أسنان الآلات الناسخة..

تحميني من ارتداء اللباس الموحد والقماش الموحد واللون الموحد فالقصيدة ليست مجندة ولا ممرضة
ولا مضيفة طيران ….

الحرية تسمح لي بأن ألبس اللغة التي أشاء … في الوقت الذي أشاء …

إنني هارب من نظام الأحكام العرفية في الشعر …

كما أنا هارب من قوانين الطوارىء ومن لزوميات ما لا يلزم … لا أسمح لأحد أن يتدخل بأشكالي …

فلقد أكتب المعلقة الطويلة …

ولقد أكتب التِلِكس الشعري القصير …

ولقد أكتب قصيدة التفعيلة … أو القصيدة الدائرية … أو قصيدة النثر …

ولقد أتزوج القافية ذات ليلة …وأطلقها في اليوم التالي …

وقد أتصعلك كعروة بن الورد …

وقد أرتدي السموكن كاللوردات الانكليز …

وقد أخطب على طريقة قس بن ساعدة …

وقد أعزف الجاز … وأغني على طريقة البيتلز …

إن حريتي تدفعني إلى ارتكاب حماقات كثيرة …

ولكنني لا أعتذر … ولا أندم …

فالشعر بدون حماقة هو موعظة في كنيسة …

وبيان انتخابي لا يقرؤه أحد …

Fb-Button
- 11 -

مع اللغة لعبت بديمقراطية وروح رياضية …

لم أتفاصح …

ولم أتفلسف …

ولم أغش بورق اللعب …

لم أكسر زجاج اللغة … ولكني مسحته بالماء والصابون …

ولم أحرق أوراق القاموس …

ولكنني قمت بعملية تطبيع بينه وبين الناس …

ولم أقص شارب أبي وقنبازه وطربوشه بالمقص …

ولكني استأذنته أن أشتري ملابسي من عند الخياط ” سمالتو ”

ولأن أبي كان حضاريا فقد طلب مني أن أعرفه على سمالتو …

وصار لا يخيط بدلاته إلا عنده ..

- 21-

منذ البدء كنت مع الديمقراطية الشعرية …

كنت أؤمن أن الشعر هو حركة توحيدية لا حركة انفصالية …

وأنه همزة وصل لا همزة قطع …

وأنه فن الاختلاط بالآخرين لا فن العزلة …

وأنه فن الملامسة والحنان لا فن إلقاء القبض على الآخرين واغتصابهم شعريا …

إيماني بديمقراطية الشعر دفعني إلى التفتيش عن لغة تؤمن هي الأخرى بالديمقراطية وتحب الجلوس في المقاهي الشعبية و تشرب القرفة واليانسون وتلعب الكونكان وتركب أوتوبيسات الحكومة وتنزل في فنادق الدرجة الثالثة وتشاهد مباريات كرة القدم ومسرحيات عادل إمام ودريد لحام وتقرأ سيرة أبي زيد الهلالي …

كنت أؤمن أن الشعر موجود في عيون الناس وفي أصواتهم … وفي عرقهم … وفي دموعهم … وضحكاتهم … وأن وظيفتي كشاعر هي أن أنقل المشهد الشعبي الكبير …وهذا ما فعلته خلال خمسين عاما …

لذلك تجمع الناس حول شعري ليسمعوا حكايتهم وليشاهدوا شريط الفيديو الطويل الذي أخرجته عن حياتهم ..

وإذا كانت أشرطة الفيديو الشعرية التي أنتجتها هي الأكثر انتشارا فلأن سكان الحارات الشعبية يحبون أن يروا صورتهم بالألوان الطبيعية … وعواطفهم بالألوان الطبيعية بدون أقنعة … وبدون ماكياج أو مونتاج …

- 13 -

يحاول النقد أن يتعلق بعربة الشعر …

ولكن الحوذي يضربه بالكرباج …

فيسقط مضرجا بدم أحقاده …

- 14 -

أنا ممنوع في كل مكان …

إذن … فأنا مقروء في كل مكان …

- 15 -

قبل أن يدخل النفط إلى حارة الثقافة …

كانت الحارة سعيدة … ومرتاحة … وبألف خير …

وكان الناس يأكلون … ويشربون … ويسهرون عند بعضهم … ويزوجون أبنائهم وبناتهم … ويفتحون أبوابهم للعصافير … ولضوء القمر …

وعندما جاء النفط حاملا براميله …

ودفاتر شيكاته …

وأكياس دنانيره …

فسدت أخلاق الحارة وأصبح الزعران رؤساء لتحرير الصفحات الثقافية …

وصارت مهنة النقد كمهنة الصيرفة خاضعة لقانون العرض والطلب …

- 16 -

الشاعر العربي هو بدون شك أعظم شاعر في الدنيا لأنه يدفع كمبيالة الشعر مع فوائدها وفوائد فوائدها …!!

فبينما يجلس الشاعر السويسري على ضفاف بحيرة جينيف ليطعم البط …

فبينما يجلس الشاعر الفرنسي في أحد مقاهي سان جرمان وأمامه قدح كونياك وفي فمه سيجارة غولواز …

وبنما يفتح الشاعر الانكليزي شهيته بسطل من البيرة السوداء …

وبينما يجلس الشاعر الأميركي على سطح بناية ” تشيز مانهاتن بنك ” في الجادة الخامسة في نيويورك …

يجلس الشاعر العربي على قصيدة مفخخة … لا يدري متى تنفجر به …

- 17 -

المرأة ضرورية جدا لكتابة القصيدة …

ولكن إذا زادت الجرعة النسائية عن الحد المعقول ..

ماتت القصيدة ….

Fb-Button
- 18 -

الشهرة ذبحتني …

كيف يمكنني أن أنام مع 200 مليون عربي

في غرفة واحدة …

وسرير واحد ؟ ..

- 19 -

يريد بعض المتثاقفين أن يقنعونا أن جماهيرية الشاعر هي مقتله …

وأحب أن أطمئنهم أنني شاعر جماهيري … ولا أزال بعد خمسين عاما حياً أرزق …

- 20 -

كانت المرأة منذ خمسين عاما حبيبتي …

ولا تزال حبيبتي …

إلا أنني أضفت إليها ضرة جديدة …

اسمها الوطن ….

- 21 -

كل الملصقات التي وضعوها على صدري …

من شاعر المرأة …

إلى شاعر النهد …

إلى شاعر المراهقات …

إلى شاعر المجتمع المخملي …

إلى شاعر الدانتيل الأزرق …

إلى شاعر الغزل الحسي …

إلى شاعر الإباحية …

إلى الشاعر الفاجر …

إلى الشاعر التاجر …

إلى الشاعر الملعون …

إلى الشاعر الرجيم …

إلى شاعر الهزيمة والاحباط …

إلى شاعر الهجاء السياسي …

كل هذه الملصقات تساقطت كالورق اليابس على الأرض وبقيت الأشجار واقفة …

- 22 -

في السنوات الأخيرة …

أصبحت أحفر الورق بأظافري حين أكتب …

أصبحت عصبيا … وحارقا … وجارحا …

وصار سلوكي كسلوك أرنب بري …

نسيت مهنة الدبلوماسية التي زاولتها عشرين عاما …

نسيت مجاملة الرجال … وتقبيل أيدي النساء …

نزعت قميصي المنشى … وكلامي المنشى …

وقررت أن أكون مباشرا … كطلقة مسدس …

- 23 -

كلما قرأت في الصحافة الأدبية تعبير ” النزارية “..

اجتاحتني موجة كبرياء …

أليس رائعا أن أكون صاحب طريقة شعرية ..

كالشافعية .. والحنفية .. والحنبلية … والمالكية ؟؟ ..

- 24 -

الشعر الحديث لم يصنعه أحد …

لا بدر شاكر السياب ولا نازك الملائكة …

ولا فلان ولا علتان …

الحداثة مقطوعة موسيقية جماعية … بدأت في الثلاثينيات … وشارك فيها كورس كامل من الشعراء العرب المقيمين والمغتربين …

كل واحد بآلة …

أو بجملة موسيقية …

أو بلازمة …

أو بقرار …

أو بجواب قرار …

وكل من يدعي أنه بتهوفن الشعر العربي الحديث … يجب أن تقام عليه الدعوى بتهمة النصب والاحتيال …

- 25 -

ليس هناك في رأيي لغة عربية واحدة …

ولكن هناك لغات …

هناك لغة الجاحظ …

وهناك لغة ابن المقفع …

وهناك لغة ابن قتيبة …

وهناك لغة الجرجاني …

وهناك لغة البحتري .. وأبي نواس .. والمتنبي .. وأحمد شوقي .. وأمين نخلة .. وإلياس أبي شبكة .. وبشارة الخوري .. وسعيد عقل .. وأدونيس ..

كل واحد من هؤلاء اشتغل على لغته ورتبها وفرشها على ذوقه وصبغ جدرانها على ذوقه …

وإذا سألتموني :

- وأنت .. ماذا فعلت بالشأن اللغوي ؟

أجيبكم ببساطة :

- لقد اخترعت لغتي …

طبعا أنا لا أدعي أنني فتحت القسطنطينية أو أنني كألفرد نوبل اخترعت البارود …

ولكنني أقول بكل تواضع أنني عمرت لنفسي بيتا صغيرا ومريحا .. ووضعت بطاقتي الشخصية على بابه …

قد أصل في خطابي الشعري إلى مستوى الكلام العادي وقد أتهم بالنثرية حينا وبالتقريرية حينا آخر …

ولكنني لا أغضب مما يقال لأنني أعتقد أن الجدار الفاصل بين الشعر وبين النثر سوف ينهار عما قريب
كما انهار جدار برلين …

إن بريستروكيا الشعر قادمة …

وإذا كان غورباتشوف نادى بالبريسترويكا السياسية والاقتصادية والاجتماعية فإن التغييرات التي أحدثتها في لغة الشعر منذ خمسين عاما هي أيضا بريسترويكا نزارية ..

نزار قباني
جينيف – 15/1/1990


من يوميات رائد فضاء


Fb-Button
1

إذا ما وقفت على قمة النهد ..

أشعر أن يدي

ستلامس سقف السماء ..

وأشعر أني اقتربت من الله ..

أني اقتربت من الأفق ..

أني اقتربت من الشعر ..

أشعر أني أسير على الماء، مثل المسيح

وأنتظر الوحي كالأنبياء ..

2

أنا أول الداخلين

إلى ملكوت الفضاء

أنا أول الشاربين حليب النجوم ..

وأول من ذاق فاكهة الإستواء ..

وأول من كتب الشعر

فوق مرايا الضحى

ونبيذ المساء …

3

إذا ما وقفت على فضة النهد ..

أشعر أني جلست على عرش كسرى ..

وأني امتلكت مفاتيح روما ..

وأهرام مصر ..

وأني تحدرت من آخر الخلفاء

وأني دخلت إلى قصر غرناطة

فصارت شفاهي عريشة ورد ..

وصارت دموعي

نوافير ماء …

4

أنا في الأعالي

أنا في الأعالي

بحار القطيفة دون انتهاء

وريش العصافير دون انتهاء

يحاصرني الثلج من كل صوب

فأين نهايات هذا البياض ؟

أدوخ قليلاً ….

أضيع قليلاً …

وأدفن تحت الثلوج قليلاً …

ولكنني – رغم عصف العواصف -

أبقى صديق الشتاء

وأعرف أن الصعود خطير ..

وأن الهبوط خطير ..

ولكنني .. في غمار الفتوح الكبيرة

لا أتراجع نحو الوراء …

5

هنا.. تتأكد حريتي

وينفصل الحب عن وزنه

وينفصل الشعر عن شكله

وينفصل الحزن عن حزنه

وأهرب من عالم لا نوافذ فيه

لكي أتنشق بعض الهواء

هنا .. تصبحين خلاصة شعري

هنا ..

تصبحين جميع النساء …

6

تعلمت معنى التصوف في رحلتي

وسر الحلول .. وسر الفناء

وحين رأيت براهين ربي

تكسرت من شدة العشق ..

مثل الإناء ..

7

شربت نبيذ المسافات ..

ثم جلست ..

أمشط شعر الغيوم وشعر القمر ..

تنقلت بين الشمال وبين الجنوب ..

وبين سيبيريا ..

وبين آلاسكا ..

وبين سويسرا ..

وبين بافاريا ..

ونمت كطفل صغير

على هدهدات المطر.

تنقلت بين جبال الرخام ..

وبين جبال الذهب .

وبين حقول الجليد

وبين حقول اللهب.

وبين شفاه النساء .. وبين دوالي العنب

لعبت بخيطان حريتي

ثلاثين عاماً …

وجملت أرض البشر

ولا أتذكر أن عقيداً أتاني

ليطلب مني جواز السفر …

8

وحين أعود .. سأخبر قومي

بأني رأيت

وأني سمعت

وأني تزلجت فوق هلالين من فضة

وأني غسلت قميصي بضوء النجوم ..

وأني غفوت طويلاً

على شجر القطن .. والكستناء ..

9

أمام رجال الصحافة سوف أقول:

بأني صعدت .. وأني صعدت ..

وأني جرحت يدي بزجاج السماء ..

وأني رأيت الذي لا يُرَى

شموسٌ تدور

وأرضٌ تفور

وبحرٌ يثور

وأني رجعت، وفي جعبتي

ملفات كل النساء !!

10

أيا نهدها الملكي الأصول …

إليك أقدم أسمى ولائي

فعنك .. أخذتُ الكثير من الكبرياء …

آذار (مارس) 1990


من ملفات النساء


Fb-Button
….. و كنت تقولين لي

في زمان السذاجة و الحلم

و الفرح المستحيل

كلاماً جميلاً ..

و كنت أصدق هذا الكلام الجميل

(( سأبقى أحبك ..

دون رجوع و دون ندامة ..

من الآن ..

حتى بدايات يوم القيامة .. ))

…….

و بعد ثلاثين عاما

تبخرتِ مثل غمامة

و أنجبتِ عشرين طفلا

و غيرتِ عشرين حبا

و ضيعتِ عمرك

بين الرحيل و بين الرحيل
….

و بعد ثلاثين عاما ..

بقيت وحيدا مع الشعر .. مثل النخيل

و لم يبق بين الأصابع شعر قصير ..

و لم يبق شعر طويل …

و لم يبق لي منكِ إلا …

علامات يوم القيامة !!.

17 نيسان (ابريل) 1991



لماذا


Fb-Button
-1-

أريد أن أحب ..

حتى أجعل العالم برتقالة

والشمس قنديلا من النحاس

أريد أن أحب..

حتى ألغي الشرطة.. والحدود .. والأعلام ..

واللغات .. والألوان .. والأجناس ..

أريد أن أستلم السلطة يا سيدتي

ولو ليوم واحد

من أجل أن أقيم ..

(جمهورية الإحساس ) …

-2-

أريد أن أحب ..

كي أغير العالم , يا سيدتي

وأمنح الأشياء بعدا خامسا

وأجعل النساء بستانا من النعناع

أريد أن ألحن الأشجار ..

والأمطار ..

والأقمار , في عينيك , يا سيدتي

وأضبط الإيقاع

-3-

أريد ..

أن أهندس النهد على طريقتي

فمرة .. أجعله كنيسة قوطية

ومرة .. أجعله مسلة مصرية

ومرة .. أجعله مروحة صينية

ومرة ..

أجعله طيارة من ورق

أو كرة من نار …

- 4 -

أريد ..

أن أحب دونما تحفظ

ودونما ندامة

ودونما استغفار

أريد أن أذهب في حبك

حتى آخر الجنون .. والدوار …

- 5 -

أريد ..

أن أجعل من يديك , يا سيدتي

بستان جلنار …

- 6-

أريد ..

أن أختصر النساء في واحدة

بحيث لا يبقى على الأرض سوى

حضارة الأحرف ..

أو حضارة الأزهار ..

- 7 -

أريد أن أحب ..

كي أكتب شعرا جيدا .

فالحب , في أساسه

نوع من الإبداع

- 8 -

أريد ..

أن أحرق , يا سيدتي , خرائطي

أريد ..

أن أضيع في الضياع

لم يكن الوصول يوما غايتي

وإنما الإقلاع ..

- 9 -

أريد ..

أن أحب , يا سيدتي

كي أخرج العاشق من أقفاصهم

وأنقذ الأثداء من خناجر الإقطاع …

- 10 -

أنا .. وأشعاري

نسيج واحد

لا فرق بين الوجه والقناع

- 11 -

بامرأة أحبها

بامرأة تحبني

أقدر يا سيدتي

أن أنقل الجبال من مكانها

وأنقل البحار ..

- 12 -

لا أدعي قراءة الغيوب

يا حبيبتي

لكنما العالم سوف ينتهي

حتما ..

إذا ما انتهت الأنوثة …

- 13 -

يا امرأة ..

تفوح من قفطانها

رائحة البخور , والكافور , والبهار

يا امرأة ..

تفوح من ضحكتها

رائحة الأمطار

أخاف , إن تركتني يوما

بأن يأكلني الغبار …

- 14 -

كوني إذن ..

قصيدتي , ووردتي

كوني إذن ..

صفصافتي ونخلتي

فربما استطعت , يا سيدتي

بالشعر ..

أن أشجر الصحراء …

-15 -

هو الهوى .

هو الهوى .

الملك القدوس , والآمر والقادر ..

والمعلوم , والمجهول

والمسكون بالأسرار

هو الذي يلمسنا بكفه

فتنبت الحنطة تحت جلدنا

وتصدح الأنهار

هو الذي يندس في فراشنا

فيطلع اللؤلؤ من لحافنا

ويطلع المحار

وهو الذي يكتب في دفتره

أسماء صاحباتنا

وهو الذي يختار …

- 16 -

كوني , إذن , حبيبتي

فربما ..

نقدر أن نغير النظام

في مملكة السماء …

آذار (مارس) 1991 م

http://hassanbalam.ibda3.org/t12762-topic